أنهار أستراليا.. ونقص الأكسجة
في مارس الماضي، أدت الملايين من الأسماك النافقة في انسداد نهر في جنوب شرق أستراليا، مما يثير غضب السكان المحليين الذين يتعين عليهم تحمل رائحة الأسماك المتعفنة التي غطت المياه لأيام. يقول المسؤولون، إن السبب هو نقص الأكسجين الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات الأخيرة، بينما يلقي السكان باللوم على الحكومة في سوء إدارة المياه. يقول «جرايم مكراب»، أحد السكان المقيمين بجوار بحيرة مينيندي «هناك أسماك نافقة في كل مكان»، واصفاً الرائحة في نهر دارلينج باكا في نيو ساوث ويلز بأنها لاذعة وتصل إلى أماكن بعيدة.
وأضاف أنه من بين هذه الأسماك أنواع محلية، مثل الدنيس، وسمك القد، وسمك الفرخ الذهبي، وسمك الفرخ الفضي، وسمك الشبوط. وأظهر مقطع فيديو التقطه من قاربه ما يشبه سجادة سميكة من الأسماك النافقة الفضية تطفو على سطح الماء. كان المسؤولون الأستراليون على علم بالكارثة، وأقروا «بحدوث نفوق للأسماك على نطاق واسع» يشمل ملايين منها في النهر.
وألقت إدارة الصناعات الأولية في نيو ساوث ويلز باللوم على انخفاض مستويات الأكسجين في الماء، والمعروف باسم نقص الأكسجة، مع انحسار مياه الفيضانات. وقالت الإدارة نفسها، إن «الطقس الحار في المنطقة يؤدي أيضاً إلى تفاقم نقص الأكسجة، حيث تحتوي المياه الدافئة على أكسجين أقل من الماء البارد، والأسماك لديها احتياجات أكبر من الأكسجين في درجات حرارة أكثر دفئا». وقال مكراب، إن هذه المنطقة النائية نفسها سجلت نفوقاً على نطاق واسع للأسماك في ديسمبر 2018 ويناير 2019، واصفاً ذلك بأنه نتيجة لرداءة المياه التي تدخل النهر، والتي غالبا ما تستخدم في صيد الأسماك.
وقال مكراب، إن الكارثة أسوأ بكثير هذه المرة، ويشعر الكثيرون في البلدة «بالغضب وخيبة الأمل»، لأن المسؤولين لم يتعلموا على ما يبدو من الوفيات الجماعية السابقة للأسماك. وأضاف مكراب: «لم يكن أحد مستعداً لما شوهد هنا»، مؤكداً أن المسؤولين «فشلوا في القيام بواجباتهم» في إدارة النهر وجمع البيانات للمساعدة في منع مثل هذه الكوارث. «إذا كنت تعلم أن جودة المياه جيدة أو سيئة، فيمكنك اتخاذ قرارات أكثر استنارة بشأن كيفية جريان المياه في اتجاه مجرى النهر من البحيرات وتجنب تدفق المياه السوداء (بلاك ووتر) إلى مجرى النهر لقتل الأسماك»، بحسب ما قال مكراب. وأوضحت إدارة المياه في نيو ساوث ويلز أن تدفق المياه السوداء يحدث «أثناء الفيضانات عندما يتم غسل المواد العضوية من ضفة النهر والسهول الفيضية إلى نظام النهر». وقالت الحكومة، إن الأسماك كانت في الغالب رنجة عظمية، وهي من الأنواع التي تشهد فترات ازدهار وانهيار في أعدادها.
وقالت مصائد الأسماك التابعة لإدارة المياه في نيو ساوث ويلز، إن «أعداد هذا النوع من الرنجة تزدهر خلال أوقات الفيضانات ويمكن أن تتعرض بعد ذلك لحالات وفيات كبيرة أو ركود عندما تعود التدفقات إلى مستويات طبيعية أكثر. ويمكن أن يكونوا أيضاً أكثر عرضة للضغوط البيئية مثل انخفاض مستويات الأكسجين، خاصة أثناء الظروف القاسية مثل ارتفاع درجات الحرارة التي تشهدها المنطقة حالياً».
ووصف كاميرون لاي، مدير بيئات المياه العذبة في مصائد الأسماك التابعة لإدارة المياه في نيو ساوث ويلز، الوضع بأنه «محزن للغاية» وحذر من أن درجات الحرارة التي تزيد على 100 درجة فهرنهايت في المنطقة يمكن أن تجلب المزيد من التحديات. يقول الخبراء، إن تسريع تغير المناخ يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة المياه ونفوق الكائنات في موائلها.
فالعديد من الأنواع تختنق لأن الماء الأكثر دفئاً لا يمكنه استيعاب الكثير من الأكسجين المذاب. وجدت دراسة صدرت العام الماضي أنه إذا استمرت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الارتفاع، فقد يختفي ما يقرب من ثلث جميع الحيوانات البحرية في غضون 300 عام. وقد أدى نفوق الأسماك الأخير في أقصى غرب ولاية نيو ساوث ويلز إلى تفاقم الكارثة. ظل غطاء الأسماك المتحللة مرئيا لمدة ثلاثة أيام على الأقل. قال مكراب: «من الصعب جلب الناس هنا على عجل. «إذا حاولت التقاط الأسماك النافقة، فمن المحتمل أنك ستفكك هذا الغطاء ويتحلل السمك في الماء».
ومن جانبها، قالت إدارة شؤون الإعلام في «نيو ساوث ويلز»، إن العديد من الوكالات تعمل على الاستجابة للكارثة. وأقر قسم المياه في دائرة التخطيط والبيئة في نيو ساوث ويلز «بوجود عدد كبير من الأسماك النافقة» وقال «إن مستويات الأكسجين المذاب تظل مصدر قلق لصحة الأسماك».
وكتبت روز جاكسون، العضو المعارض في برلمان نيو ساوث ويلز ووزيرة المياه والإسكان في حكومة الظل، على «تويتر»: «الحقيقة هي أن نهر دارلينج معتل للغاية. لقد أدت سنوات من سوء الإدارة من قبل حكومة نيو ساوث ويلز إلى تفاقم تأثير مناخنا المتغير». وأضافت: «لقد تم دفع النظام البيئي إلى نقطة الانهيار».
جنيفر حسن*
*صحفية مقيمة في لندن، تغطي الأخبار العاجلة لصحيفة واشنطن بوست.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»